skip to Main Content

رحلتي إلى العراق

إنها من رحلاتي التي أعشقها. العراق أرض الخصب والحضارات العظيمة الممتدة لآلاف السنين، والجنان المعلّقة وشريعة حمورابي. هي بلاد الرافدين قديماً (سوريا، بلاد فارس وجنوب شرق الأناضول)، وكانت أيضًا امتدادًا للحضارات القديمة في مصر والهند. تمتلك العراق مقومات سياحية هامة تتمثل بالعمق التاريخي والحضاري، كأول حضارة عرفها الانسان بالإضافة إلى التنوع الجغرافي، كما يمتلك بُعداً دينياً يجعله بلد المزارات والمراقد المقدسة. أما بغداد فهي موطئ الفن والموسيقا والأصالة، إرث الحضارة وعطاءُ دجلة، وبلد العلوم والمعارف، ومصابيح الدجى، موطن هارون الرشيد وابنه المأمون. وأنت تسير في شوارع بغداد تتلمس حضارة الأجداد وتسمع حثيث كلماتهم، وثقافاتهم وتستشعر عمق معاني مجالسهم المتّسمة بالعلم والتصوف، عرّج قليلًا على المتحف الوطني في بغداد واستشعر قيم الحضارات النفيسة القديمة، ببهاء آثارها ولمعان تماثيلها المنّتصبة، شامخةً كشموخ أهل بغداد وتحمّلهم لأهوال الحرب وتبعاتها.

تكمل طريقك وسط بغداد إلى شارع المتنبي، منارة بغداد الثقافية وعبق الحضارة العراقية العتيقة، وهو ملتقى ثقافي وسوق مفتوح على مدار السنة، تنتشر على جنباته المكتبات، والكتب النفيسة، ويرتاده أكثر المثقفين العراقيين، وتجري فيه مناظراتٌ ثقافيةٌ وجلساتُ تبادلٍ للمعارف بشكل مستمر. تحّث خطاك بشكل أسرع، فترى شموخ (المدرسة المستنصرية)، وهي من أهم جامعات العالم الإسلامي في العصر العباسي، درّست اللغة العربية وعلوم الدين والفلك والرياضيات والطب والصيدلة، وكانت تضم مستشفى خاص لتدريب طَلَبَتِها. نهر دجلة يشّق بلونه الذهبي مدينة بغداد ويروي أرض الخصب والهلال بمياهه الممزوجة بالمحبة. وعلى جوانب النهر، مساجدَ وعتباتٍ دينيةٍ مقدسة، هي وجهة الحجّاجِ. وإلى الجنوب من مركز بغداد، يمكنك أن تمتّع ناظريك بالمدينة التاريخية (المدائن)، وهي جزءً من قصر كبير على مقربة من النهر، ويمتاز بطرازه المعماري العريق، و(الإيوان)، جاءت فكرة الإيوان كاختلافٍ عن الأبنية العراقية القديمة، إذ يغلب عليها الطابع الآشوري في أبنتيتها ومعالمها الشامخة عاليًا.

إنها عراق الأصالة والشموخ والحضارة….

 

Back To Top