skip to Main Content

فيلم “ليلة الاثني عشر عاماً”

قصّةٌ مستمدّةٌ من قصّةٍ حقيقيّةٍ عاشها ثلاثةٌ من مناضِلي حركة التّوباماروس اليساريّة، وهو يروي أنشودَة الصّمود في وجهِ الدّكتاتوريّةِ العسكريّةِ. الفيلم عملٌ روائيّ للمخرج (ألفارو بريخنر) من أوروغواي، والذي جعلهُ فيلماً متَمَيّزاً وفريداً ويحظى بالتّقديرِ، أسلوبُ مخرجِهِ السّينمائي، الذي يُكسِبُ موضوعُهُ، وهو ليس جديداً تماماً، جاذبيةً وتأثيراً خاصّاً.

المقصود بالأسلوب السّينمائي في ليلة الاثني عشر عاماً هو: (سياق السّرد، أي طريقةُ بناءِ السّيناريو، وأسلوبُ الإخراج) (استخدام عناصر السّينما الأساسيّة: التّصوير والمونتاج والموسيقى والدّيكور.. وغيرها) للتعبيرِ عنِ الأفكارِ الأساسيّةِ في الموضوع: وهي فكرةُ كسرِ الإرادةِ للسّجين ودفعِهِ إلى الجُنون والتّعامل معهُ كأنّه (فأر) يخضعُ لحقلِ تجارِب. “لن نقتلَكم لكننا سندفعُكُم إلى الجنون من الآن فصاعداً، أنتم لم تعودوا سجناء، بل أسرى نفعل بكم ما نشاء”، هذا ما يقوله الضّابط المسؤُول عن اعتقالِ الأبطالِ الثلاثةِ – بهدف إذلالِهم وتذكيرهم بأنّهم قد خسِروا الحرب.

لقد تطلّب نقل السجناء من سجنٍ إلى سجنٍ 12 عاماً،  لقد تعامَل مخرِجُ الفيلمِ مع الموضوعِ من زاويةٍ أُخرى، فوضع العقلَ أمامَ القوةِ، والعزيمةَ أمام القهرِ، والداخلَ العميقَ الذي لا يمكنُ لأيّ قوةً في الأرض اختراقَهُ، أي داخلَ الإنسانِ وما يحتويهِ من أفكارٍ وأحلامٍ ورغباتٍ وأماني، أمام رغبةٍ همجيةٍ في كسرِ الإنسانِ وتحويلهِ إلى حيوانٍ فاقدٍ للذّاكرة والتّاريخ، حتى يصبح تفكيرُه بالكاملِ، منصبّاً على الحاضر الشّاقّ المعذّبِ الممتدِّ الذي يقولون لَه إنّه سيكونُ أيضاً هو المستقبل، أي من دونِ أدنى أملٍ في النّجاة. كيف يمكن للإنسانِ أن يقهرَ مصيرَه الذي فرضَهُ عليه عدوّهُ؟ كيف يمكنُ للماضي، وللتّاريخ الشّخصيّ أن يدعمَ الحاضرَ ويدفعَ صاحبَهُ إلى الصّمودِ والتمسّكِ بالأملِ مهما كان ضئيلاً، إلى حين أن ينْبَلِجَ النّهار؟

تنتقل الكاميرا من اللّقطاتِ القريبةِ للأجسادِ والوجوهِ: حدقات العُيُون، ارتعاشاتُ الأيدي، ضمورُ الأجساد.. إلى اللّقطاتِ البعيدةِ الناعمةِ مع الموسيقى التي تأتي تارةً من المذياعِ أو من الذاكرةِ والخيالِ على مشاهدَ متخيّلة وسطَ الطّبيعة، ثم إلى تلك الأغنية البديعة قرب النّهاية مع الخروجِ إلى الحرّية. يقول المخرجُ إن فيلمه ليس عن المعتقلِ، بل عن “معجزةِ أن تكونَ إنساناً”، وقد نجح بذلك!

Back To Top